البعض يتعاطى 'الكبتي' هربا من الواقع ويقع في هاوية الانحراف
عقاقير السعادة الوهمية توقع الشباب في مصيدة الإدمان
عدد القراء: 1503
17/02/2007
أبدت سعاد استغرابها مما لاحظته على صديقتها نشوى من شرود دائم.. ورغم حديثها معها في امر مهم.. فإنها كانت تسرح بعيدا ناظرة الى السماء تارة.. وتارة اخرى تطرق ساهمة في صمت عميق.. بينما تضحك من غير سبب في اوقات، ثم تعود الى حزنها وشرودها.
قالت سعاد: 'ما بك يا نشوى لماذا هكذا تبدين شاردة؟'.
وفيم تفكرين..؟ لكن نشوى لم ترد وارتحلت ببصرها الى فضاء بعيد.. مما زاد من قلق صديقتها عليها؟
سعاد، التي كثفت لقاءاتها بصديقة عمرها التي تحبها، اكتشفت بمرور الوقت ان نشوى تتعاطى حبوبا مهدئة في اوقات محددة وبصورة يومية.. الامر الذي اثر سلبا على صحتها وجعلها هكذا تبدو شاردة وساهمة.
سعاد صممت على اصطحاب صديقتها الى طبيب معالج الذي بدوره اكد ان نشوى في طريقها الى ادمان المهدئات التي لا يقل خطرها إذا توغلت في الدماء عن خطر المخدرات.
قصة نشوى نسخة مكررة من قصص اخرى كثيرة تحدث على ارض الواقع.. حيث تزايد لجوء ابناء الجيل الصاعد من مختلف الاعمار الى تعاطي مثل هذه الحبوب التي لاشك توقع في مصيدة الادمان، وترتب مخاطر كبيرة على الفرد والاسرة والمجتمع.
'معظم النار من مستصغر الشرر'
كما قال الشاعر، وهو ما يتجسد على ارض الواقع احداثا ومشكلات، تربك المجتمع بأسره.. فالادمان قد يبدأ من سلوكات صغيرة منها التدخين وتعاطي العقاقير المهدئة التي تضر ولا تنفع وتدمر ولا يستقيم معها العقل والجسد على الاطلاق.
البعض يتخيل ان تعاطي هذه الحبوب يريح الاعصاب ويهدئ حدة التوتر.. وما ذلك إلا وهم كبير.. فالنشوة الوهمية سرعان ما تنقلب الى حزن وسأم ومشكلات جراء اعتلال الجسد وتعب الاعصاب.
مما لا شك فيه ان الادمان بشتى انواعه اصبح من الامور المستهلكة، بيد ان الحديث فيها ضرورة حياة حفاظا على اجيال الوطن من هذه الآفة المدمرة التي ترتب المزيد من المشكلات الجسدية والنفسية، وتعاطي الحبوب المهدئة والكبتي لا يقل خطورة عن ذلك، اذ يقود الى الادمان بمفهومه المدمر.
'القبس' تفتح ملف تعاطي الشباب لحبوب الكبتي او حبوب 'الهلوسة' كما يسميها البعض.. وكان لابد من الالتقاء بحالات مرت بمثل هذه التجارب السيئة، واقلعت عنها.. فضلا عن رصد آراء اهل الطب والدين لمناقشة هذا الشأن من اجل دق ناقوس الخطر تجاه هذا النوع من الادمان.
في البداية عزا المهندس حمد العنزي مسؤولية انتشار هذه الحبوب إلى غياب الرقابة الأسرية مطالبا بعدم التساهل مع مروجيها وان توقع أشد العقوبات عليهم ليكونوا عبرة لكل الأشخاص، مشيرا إلى أن طول مراحل التقاضي يشجع من يريد أن يتاجر في هذه المخدرات.. وشدد على أن انتشار الحبوب بين التجمعات المنحرفة أثر على كثير من الشباب، وان المنحرفين ما هم إلا قلة ونسب ضئيلة جدا ولابد من تسليط الضوء عليهم ومعاقبتهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
وأضاف: ان من أهم أسباب الانتشار أيضا عدم وجود متنفس للشباب سواء الأندية الرياضية أو أنشطة اجتماعية تقوم بها الجمعيات أو المنطقة عموما، ويجب على الأسرة التوعية المستمرة للأبناء حتى لا يقعوا ضحايا هذا البلاء.
أضرار
عدنان العبدالله أكد ان الكثير من أبناء جيله يتعاطون هذه الحبوب لافتا إلى أن تجاهل هذا الخطر الداهم من قبل الجهات المختصة وعدم توعية الشباب بهذه الكارثة لا شك يضران بالأسرة والمجتمع بأكمله.
وأردف بالقول إن كثيرا من هذه الحبوب قد يأتي من الخارج ومن ثم يجب على الجهات المختصة تكثيف الرقابة والإجراءات على هؤلاء المجرمين الذين يريدون أن يفتكوا بشباب الكويت.
امتحانات
فهد صالح ذكر ان بعض الشباب يتناول المهدئات في أوقات الامتحانات فقط ظنا منهم أنها تزيد التركيز وتساعد على الدرس وتحصيل المعلومات متناسين ان ذلك خطر على صحتهم.
وأشار صالح إلى انتشار هذه الحبوب في صلات البلياردو والمدارس وصالات الإنترنت والمقاهي مشددا على أن كل شاب يجب أن يسارع إلى إبلاغ الجهات المسؤولة حتى لا يتم الإيقاع بأبناء الوطن.
ضغوط أسرية
ومن جانبه ابدى غازي مطير استياءه من انجراف الشباب لهذه الآفة المدمرة، مشيرا الى ان توافرها لكل من يرغب فيها، سواء في المدارس او صالات البلياردو وأماكن التسلية بات يشكل خطرا كبيرا على الشباب الصغار الذين تتراوح اعمارهم ما بين 12 و18 سنة وهم في سن الدراسة.
وقال: يبدأ تعاطي هذه الحبوب بغرض التسلية والتشجيع على السهر كما ان الضغوط الاسرية تشجع عليها.
واضاف لاشك في ان الترف الشديد وتوافر الامكانات مع غياب الوعي والقيم تفتح ابوب الضياع.
والتقطت اطراف الحديث اسماء الفالح مؤكدة ان الرقابة الاسرية ليست كما ينبغي على الابناء.. فكثير من الاسر لا تسأل شبابها وشاباتها عن سلوكاتهم خارج المنزل، كما ان اصدقاء السوء يؤثرون بالفعل على اقرانهم.
صيدليات
آلاء العبدالرحمن طالبت وزارة الصحة بتشديد الرقابة على الصيدليات التي تبيع المهدئات من دون وصفة طبية، مشيرة الى ان هذا الامر ساعد على سهولة تعاطيها مما يستلزم وقفة جادة من الجهات المسؤولة.
علي الجامع تحمس للمشاركة في هذا الموضوع مشددا على أن وسائل الإعلام يجدر بها أن تسلط الضوء بصورة كافية على مخاطر الإدمان الذي يبدأ في كثير من الأحيان بتعاطي حبوب الهلوسة.
وأضاف: 'يجب أن تتحرك المدارس وجامعة الكويت والجامعات الخاصة من أجل عمل ندوات للتوعية بمشاركة رجال الدين.
الشباب هدف لتجار السموم
كشفت دراسة اجرتها لجنة بشائر الخير لعلاج المدمنين ان ما يزيد على 50% من مدمني المخدرات دخلوا دائرة التعاطي بين سن 15 و19 سنة، وان 33% بدأوا الادمان بين سن 23 و،29 فيما كانت اقل نسبة هم من اقتحموا عالم المخدرات بعد سن الثلاثين.
واوضحت الدراسة ان هذه النتائج تبين اتجاه مروجي المخدرات بنشاطاتهم الى فئة الشباب، وتركيزهم على طلبة المدارس الثانوية والطلاب الجامعيين، نظرا لكونهم شريحة يقل لديها الوعي بخطورة المخدرات، كما تبرز عندهم عادة تقليد الغير وحب الاستطلاع.
الأهل والعلاج
من المتوقع ان تستغرق فترة العلاج من حبوب الهلوسة مدة طويلة نسبيا وذلك تبعا لحالة المريض، وحسبما قال اطباء انه يجب على اهل المريض التعاون من اجل مصلحة المتعاطي، الذي قلما يستجيب للعلاج بالسرعة المطلوبة، كلما كانت الفترة اقصر.