النوم على هدى النبى
الإنسان عندما ينام يصبح بمنزلة الميت لذلك فهومحتاج إلى من يحرسه من أى آفات يمكن أن يتعرض لها وهو نائم، وكان ربه وفاطره تعالى هو المتولى لذلك وحده. لذا علم النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ النائم أن يقول كلمات التفويض والالتجاء والرغبة والرهبة ليستدعى بها كمال حفظ الله له، فقد أرشده إلى أن يستذكر الإيمان وينام عليه ويجعل التكلم به آخر كلامه، فإنه ربما توفاه الله فى منامه فيدخل الجنة.
ففى الصحيحين عن البراء بن عازب أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: "اللهم إنى أسلمت نفسى إليك ووجهت وجهى إليك وفوضت أمرى إليك وألجأت ظهرى إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ومنجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذى أنزلت ونبيك الذى أرسلت" واجعلهن آخر كلامك، فإن مت من ليلتك مت على الفطرة".
فى صحيح البخارى أيضا عن عائشة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا صلى ركعتى الفجر (يعنى سنتها) اضطجع على شقه الأيمن، وقد قيل إن حكمة النوم والاضطجاع على الجانب الأيمن هو ألا يستغرق النائم فى نومه، لأن القلب فيه جل إلى جهة اليسار، فإذا نام على جنبه الأيمن طلب القلب مستقره فى الجانب الأيسر فيتحول إليه قليلا ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن، وهو بذلك يمنع من استقرار النائم واستثقاله فى نومه بعكس الاستقرار على الجانب الأيسر الذى يجعل الإنسان يستغرق فى نومه ويستثقل منه فتفوت عليه بذلك مصالح دينه ودنياه.
ففى قوله: "أسلمت نفسى إليك" أى جعلتها مسلمة لك تسليم العبد المملوك نفسه إلى سيده ومالكه، وتوجه وجهه إليه يتضمن إقبال بالكلية على ربه وإخلاص القصد والإرادة له وإقراره بالخضوع والذل والانقياد، وتفويض الأمر إليه يعنى رده إلى الله سبحانه وتعالى وهو ما يوجب سكون القلب وطمأنينته والرضى بما، فالتفويض من أشرف مقامات العبودية.
إلجاء الظهر إليه سبحانه وتعالى يتضمن قوة الاعتماد عليه والثقة والسكون إليه والتوكل عليه، فإن من اسند ظهره إلى ركن وثيق لم يخف السقوط، ولما كان للقلب قوتان، قوة القلب وهى الرغبة وقوة الهرب وهى الرهبة، جمع الأمرين فى هذا التفويض والتوجه فقال: "رغبة ورهبة إليك"، ثم أثنى على ربه بأنه لا ملجأ للعبد سواه ولا منجا له منه إلا به. فهو سبحانه وتعالى الذى يعين عبده وينجيه من بأسه الذى هو بمشيئته وقدرته، فمنه البلاء ومنه الإعانة وهو الذى يلجأ إليه فى أن ينجى مما منه، ويستعاذ به مما، منه فهو رب كل شئ ولاشئ إلا بمشيئته، ثم ختم الدعاء بالإقرار بالإيمان بكتاب الله ورسوله الذى هو مفتاح النجاة والفوز فى الدنيا والآخرة.